دور الوسائط المتعددة في مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة

أصبح التعليم في الآونة الأخيرة يعتمد على مصادر متعددة للتعلم بدلًا من المعلمين الذين كانوا يعدون مصدر التعلم الوحيد، وأصبحت الأنظمة التعليمية تُركز على الأساليب التربوية الحديثة التي من أبرز أشكالها مواكبة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما يسر على الطلبة التعلم بطرق متنوعة ومنها الوسائط المتعددة. 

ماذا تعني الوسائط المتعددة؟

يتكون مصطلح الوسائط المتعدّدة (Multimedia) من كلمتين مُركبتين هما كلمة (Multi) وتعني متعددة، وكلمة (Media) وتعني وسائل أو وسائط، ويعني بصورة عامة استخدام وسائل الاتصال المتعدّدة بشكل متكامل من أجل تحقيق فاعلية الاتصال في المجالات المختلفة، وفاعلية العملية التعليمية التعلّمية في المجال التربوي بشكل خاص.

وتُعد الأنشطة القائمة على الوسائط المتعدّدة لأهداف التعلّم عبارة عن تجميع لعناصر النص المكتوب، مع الصوت المسموع، والصورة الثابتة/المتحركة المُشاهدة في العرض الواحد، وذلك يُمكن تكامله بسهولة باستخدام الحاسوب وبرمجياته، والإنتاج، والعرض بطريقة تفاعلية، بشكل يتوافق مع قدرات الطلبة وإمكاناتهم المختلفة ممّا يزيد من فاعلية التعلّم وبقاء أثره.

اقرأ أيضًا: المنصات التعليمية الإلكترونية

أهمية الوسائط المتعددة وأثرها على التعلم

تكمن أهمية الأنشطة القائمة على الوسائط المتعدّدة في تشجيع الطلبة على العمل بحماس ضمن فرق للتعبير عن أنفسهم ومعارفهم بطرق شتى، فتارةً يسعون إلى حلّ المشكلات، وتارةً يُراجعون أعمالهم، وتارةً يحاولون بناء المعارف وصقل المهارات المرتبطة بمحتوى التعلّم، كما أن هناك فوائد عديدة يجنيها الطلبة من الوسائط المتعدّدة، فمن خلال مشاركة الطلبة بمثل هذه الأنشطة يكونون قادرين على تعلّم الأمور الآتية:

• مهارات تكنولوجية.
• التعاون الفعّال.
• التواصل مع الآخرين.
• تقديم المعلومات بصورة جذّابة.
• تحليل وتركيب محتوى التعلّم.
• البحث والتخطيط والتنظيم.
• العرض التقديمي ومهارات التحدّث.
• تقديم التغذية الراجعة البنّاءة واستقبالها.
• التعبير عن النفس بطريقة إبداعية.

بالرغم من وجود الكثير من الفوائد التي تعود بالنفع على تعلّم الطلبة، إلا أن هناك بعض المحدّدات الواجب تجاوزها للارتقاء بعملية دمج الوسائط المتعدّدة في العملية التعليمية التعلّمية وهي:

• معيقات مادية متعلقة بمحدودية المصادر المالية اللازمة لإنتاج البرامج وشراء الأجهزة.
• معيقات زمنية متعلقة بمدى حداثة التقنية من حيث التغيّر المستمر بتحديثات البرمجيات المستخدمة في الأنشطة القائمة على الوسائط المتعدّدة، وكذلك المتعلقة بالمدة الزمنية التي يحتاجها المعلمون لتخطيط، وتصميم، وتطوير، وتقويم هذه الأنشطة.
• معيقات إجرائية متعلقة بالمهارات التكنولوجية بالنسبة للطلبة والمعلمين، فالعمل على دمج الوسائط المتعدّدة في تعليم بعض المواد يتطلّب جهدًا علميًا وعمليًا كبيرًا.

دور الوسائط المتعدّدة في تعلّم الطلبة ومراعاة الفروق الفردية

يُعدّ الهدف من توظيف الوسائط المتعدّدة في التعليم تحسين أداء الطلبة ورفع تحصيلهم، ويتم توظيف إمكانات الوسائط المتعدّدة لتشويق الطلبة وجذب انتباههم للتعلّم، وتمكينهم من التعلّم وفقًا لإمكانياتهم وميولهم واهتماماتهم من خلال إتاحة البدائل ليختاروا منها ما يُناسبهم.

وهذا ما يجعل الوسائط المتعدّدة أدوات مهمة لمراعاة الفروق الفردية لدى الطلبة. إن مراعاة فروق الطلبة كأخذ أنماط التعلّم المختلفة بعين الاعتبار يرفع مستوى التعلّم بشكل عام ومستوى اكتساب الطلبة للمفاهيم التكنولوجية بشكل خاص، وتزداد أيضًا فرص تشويق الطلبة حيث يُتاح لكل طالب التعلّم وفق رغباته وميوله.

فالأنشطة القائمة على الوسائط المتعددة تشتمل على النصوص والصور بما يتناسب مع المتعلّم البصري، وعلى الأصوات بما يتناسب المتعلّم السمعي، وعلى الحركات بما يتناسب مع المتعلّم الحركي. ومن الآثار الإيجابية التي تنجم عن توظيف الوسائط المتعدّدة في التعليم الآتي:

تقدير الذات والدافعية

تساعد الأنشطة القائمة الوسائط المتعدّدة الطلبة على التفكير ما وراء المعرفي حيث يقومون بالتخطيط لعملية تعلّمهم للأمور التي يرغبون بتعلّمها، ومن ثم مراقبة وتقويم أدائهم لتحقيق الأهداف المُخطّط لها، وهذا يزيد من المتعة والدافعية في التعلّم حتى يتم الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة التي تجعلهم يُقدّرون أنفسهم، كما تجعلهم مسؤولين، ومستقلّين.

المهارات الحياتية والتقنية 

تساعد الوسائط المتعدّدة الطلبة على ربط الأشكال المتنوّعة من نصوص، ورسوم، وصور وغيرها، بالمواقف التي يعيشونها في حياتهم اليومية، كما أن الطريقة المتشابهة في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية والبرمجيات تقود الطلبة إلى صقل مهاراتهم في التعامل مع البرمجيات المختلفة سواء كانت في مجال التعلّم أو اللعب، أو العمل.

التعاون مع الأقران 

تعتمد الأنشطة القائمة على الوسائط المتعدّدة على مبادئ التعلّم النشط الذي يقوم بالضرورة على التعاون بين الطلبة، فاختلافهم هو مصدر إثرائهم وتكامل عملهم ضمن فرق، بالإضافة إلى أن الاندماج في عالم التعلّم التقني مصدرًا مهمًا في اكتساب المعارف وصقل المهارات وبناء الاتجاهات الإيجابية نحو التعلّم.

مهارات التصميم

إن دمج الطلبة في التعلّم من خلال الأنشطة القائمة على الوسائط المتعدّدة يُكسبهم مهارات التعلّم الذاتي، فُيصبحوا قادرين على تصميم الوسائط المتعددة وتنفيذها بناءً على الأهداف المرجوة منها. كما أن مهارات التصميم تزيد من فرص تعلّم جميع الطلبة، وذلك لما تُقدّمه من وسائط متعدّدة تلائم اختلافات الطلبة.

في الختام تُسهم الأنشطة القائمة على الوسائط المتعدّدة في تشكيل دور المعلمين كمُوجّهين ومُيسّرين، والتحول نحو التعلم المتمركز على الطلبة، حيث يكون دورهم قائم على الملاحظة والتفاعل.